شهدت العاصمة الرباط، مؤخراً، حدثاً بارزاً في مسار التحول الرقمي الذي تعرفه المملكة المغربية، تمثل في التوقيع على اتفاقية إطار استراتيجية بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والمديرية العامة للأمن الوطني. ترمي هذه الاتفاقية إلى إعطاء دفعة قوية لتطوير منظومة الحكومة الإلكترونية وتوسيع نطاق الاعتماد على الهوية الرقمية، والتي تعد ركيزة أساسية مرتبطة بالجيل الجديد والمتقدم من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية.

وقد جرت مراسم التوقيع على هذا الاتفاق الهام يوم الجمعة الماضي، بمقر وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بالرباط. ووقع الاتفاقية كل من السيدة أمل الفلاح السغروشني، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، والسيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني. يؤكد هذا التوقيع المشترك على أعلى مستوى التنسيق والتعاون الاستراتيجي بين المؤسستين الحيويتين في الدولة.

ويندرج هذا التوقيع الرفيع المستوى في صميم تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، التي تشدد على ضرورة تحديث وعصرنة الإدارة العمومية وتوسيع قاعدة الخدمات الرقمية المقدمة للمواطنين والمقاولات. كما تأتي هذه الاتفاقية ترجمة فعلية للأهداف الطموحة المسطرة ضمن استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، التي تضع التكنولوجيا الرقمية في قلب الجهود الرامية إلى تحسين نجاعة وفعالية العمل الإداري وتيسير ولوج المواطنين والمواطنات إلى مختلف الخدمات العامة بيسر وأمان فائقين.

في سبيل تحقيق هذه الأهداف الوطنية السامية، تسعى الاتفاقية بشكل محوري إلى وضع إطار قانوني وتنظيمي متين يؤطر التعاون العميق بين وزارة الانتقال الرقمي والأمن الوطني، بهدف إحداث تكامل وظيفي سلس وفعال بين مختلف مكونات الإدارة العمومية. ويتضمن ذلك أيضاً تطوير آليات متقدمة وموثوقة للتحقق من الهوية الرقمية، بالاعتماد على منظومة “الطرف الثالث الوطني الموثوق به”، بما يضمن ليس فقط حماية قصوى للمعطيات الشخصية، بل وأيضاً تبسيطاً جذرياً للمساطر والإجراءات الإدارية المعقدة.

وإلى جانب هذه الركائز التنظيمية والتقنية، تسعى الشراكة أيضاً إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي في القطاع العام ككل، عبر تبني وتقديم حزمة من الخدمات الرقمية النوعية ذات الجودة العالية. هذه الخدمات مصممة لتراعي خصوصية المستخدم بشكل كامل وتغني عن الحاجة إلى الحضور المادي المرهق في العديد من الحالات، وذلك بالاعتماد الكلي على التوثيق الرقمي كبديل عصري، موثوق به، وآمن تماماً للتعاملات التقليدية.

من شأن تفعيل بنود هذه الاتفاقية الشاملة أن يُحدث تحولاً نوعياً وملموساً في مسار تحديث الإدارة المغربية، وذلك عبر التمهيد لتعميم فعلي لاستخدام الهوية الرقمية في شتى مجالات التفاعل مع الخدمات العمومية. يُنتظر من هذا التقدم أن يحقق قفزة نوعية غير مسبوقة في أساليب تقديم الخدمات، مرتكزاً على الابتكار الرقمي وجعل تجربة المواطن مع الإدارة أكثر سلاسة، سرعة، وشفافية، مما يساهم في بناء حكومة رقمية متكاملة ومواكبة للتطورات العالمية