محمد دمناتي/وزان

يعيش إقليم وزان حالياً على وقع صدمة تدبيرية عميقة تهز أركان قطاع التعليم الأولي، في تطور يضع استقرار الأطر المهنية والعدالة الاجتماعية على المحك. لم تكن هذه الأزمة محض خلاف وظيفي عابر، بل تفجرت على إثر قرار إداري مفاجئ، فاقم حالة الاحتقان، وجعل الساحة النقابية تتدخل بقوة غير مسبوقة. المركزية النقابية المعنية لم تكتفِ بالتنديد المعتاد، بل أعلنت حالة استنفار شاملة، داعية مناضلي ومناضلات القطاع إلى الاستعداد للنضال بلا هوادة دفاعاً عن الكرامة والحقوق المهددة. هذا التصعيد القوي يحوّل الملف من مجرد قضية إدارية إلى أزمة اجتماعية تتطلب معالجة فورية وحاسمة.

يكمن جوهر هذا النزاع في قرار أحادي صادر عن المسؤول الإقليمي الأول للمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، وهي هيئة شريكة لوزارة التربية الوطنية. المثير للجدل هو أن هذا القرار عاجز عن تقديم أي سند منطقي أو مرجعية قانونية، مما يجعله في نظر الفاعلين مجرد ممارسة تعسفية للسلطة. هذا الافتقار للشرعية وضع المؤسسة في موقف حرج، وفتح البناية لتكهنات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التفكيك المفاجئ لمكتب وزان الإقليمي. كانت النتيجة المباشرة لهذا الإجراء هي تشريد عائلتين مهنيتين؛ حيث صدر قرار بتنقيل إطارين إداريين، كانا يمثلان ركيزة العمل بالمكتب، إلى جماعتين قرويتين نائيتين هما زومي والمجاعرة. هذا الانتقال القسري يعتبر ضربة موجعة لمبدأ الاستقرار الوظيفي وإهداراً للكفاءات التي كانت تُشهد لها بالمهنية والتواصل الفعال من قِبل الأطر التربوية نفسها.

يأتي هذا التصعيد في ظل خلفية إدارية مضطربة، سبق وأن شهدت اهتزازات وصلت أصداؤها إلى محكمة جرائم الأموال، مما يزيد من القلق حول طبيعة القرارات الحالية التي تتبنى نهج التدبير المنفرد، لاسيما بعد أن غاب المنهج التشاركي عن بداية الموسم الدراسي. بناءً على ذلك، يصبح المدخل الوحيد لنزع فتيل هذا التوتر هو الإلغاء الفوري والعلني للقرار الإداري. يجب على الإدارة المركزية التدخل لضمان عودة الإطارين إلى منصبيهما الأصليين بمدينة وزان، وتوفير شروط العمل التي تضمن كرامتهما وتُعزز من فعالية المكتب الإقليمي. إن التراجع عن هذا القرار ليس تنازلاً، بل هو إثبات للشجاعة الإدارية والمسؤولية، وخطوة حاسمة لدرء أزمة اجتماعية ومهنية حذرت منها الهيئات النقابية.