تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، افتتحت مدينة وزان فعاليات الدورة الخامسة من ملتقى دار الضمانة الدولي للذكر والسماع، الحدث الذي بات يشكل موعدًا سنويًا لعشاق الفن الصوفي والموسيقى الروحية، وفضاءً للتلاقي بين الأصالة المغربية والتجارب العالمية. وقد عبّرت الكلمات الافتتاحية عن اعتزاز المدينة بهذا الملتقى الذي يكرّس مكانة جمعية الصفا لمدح المصطفى كحاضنة للذكر والسماع، وكمركز إشعاع ثقافي وروحي، حيث نوه المتدخلون بالدور الذي تلعبه مثل هذه التظاهرات في تعزيز قيم التسامح والانفتاح، وفي صون الموروث المغربي الغني، مؤكدين أن الذكر والسماع ليسا مجرد فن، بل فلسفة حياة تنبع من عمق الهوية الروحية للمغاربة.

عقب الكلمات الافتتاحية، عاش جمهور وزان لحظات فنية راقية خلال السهرة التي أحيتها نخبة من الفنانين، أبرزهم الفنان المغربي المقيم في بلجيكا منير التمسماني، الذي أبدع في تقديم وصلات سماعية امتزج فيها الحس الصوفي بالتوزيع العصري، ما أضفى على العرض طابعًا عالميًا دون أن يفقده جذوره المغربية.

التمسماني، المعروف بمشاركاته في أمسيات رمضانية ومهرجانات صوفية بأوروبا، حمل معه إلى وزان تجربة فنية غنية لامست وجدان الحاضرين، وأكد من خلالها أن الفن الروحي قادر على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.

كما تألق الفنان مروان حاجي، أحد أبرز وجوه الموسيقى الروحية المغربية، رفقة مجموعته إخوان الفن، في عرض استثنائي استلهم من الموروث الأندلسي والمغربي، ولامس القلوب بأداءه العذب وصوته القوي.

حاجي، ابن مدينة فاس، يتميز بحضور فني مميز وقد سبق أن مثّل المغرب في عدة تظاهرات دولية، فيما تعكس مجموعة إخوان الفن التزامًا جماعيًا بالحفاظ على الأصالة وتقديمها بأسلوب معاصر يلامس وجدان الجمهور.

السهرة الافتتاحية كانت لحظة التقاء الأرواح، حيث تجاوب الجمهور مع كل وصلة، وردد الأذكار والمدائح في مشهد يعكس عمق العلاقة بين الفن الروحي والوجدان المغربي.

وقد عبّر عدد من الحاضرين عن إعجابهم بالتنوع الفني الذي ميز السهرة، مؤكدين أن وزان باتت وجهة سنوية لعشاق الذكر والسماع، ومصدر فخر لكل من يؤمن بأن الفن يمكن أن يكون رسالة سلام ومحبة.

بهذا الافتتاح، تؤكد جمعية الصفا لمدح المصطفى مكانتها كحاضنة للفن الروحي، وكمركز إشعاع ثقافي يحتفي بالتراث ويعانق التجارب العالمية. فالملتقى لا يقتصر على العروض الفنية، بل يشكل فضاءً للحوار والتبادل الثقافي، حيث يلتقي الفنانون والباحثون والجمهور في لحظة احتفاء جماعي بالروح والجمال، في مدينة لا تزال وفية لرسالتها الروحية والثقافية.