بقلم : ذ. رحاب احمامو
في زمن تتسارع فيه التطورات الحديثة، ويتزايد تأثير العولمة من كل الاتجاهات، تظهر أسئلة مهمة حول مستقبل الهويات الثقافية، خصوصا في الدول التي تتمتع بتراث غني مثل المغرب. هل تُعتبر الحداثة تهديدًا للأصالة الثقافية المغربية، أم أنها تمثل فرصة لتجديدها وإظهارها للعالم بصورة جديدة؟
تتسم الثقافة المغربية بتنوعها الأمازيغي والعربي والأندلسي والإفريقي، مما يجعلها واحدة من أغنى الثقافات في الوطن العربي. لكننا نلاحظ الآن تغييرات سريعة في أسلوب الملابس، في اللغة التي يتحدث بها الشباب، في الفنون العصرية، وحتى في طرق الاحتفال بالمناسبات. هذه التغييرات تثير القلق لدى بعض الأشخاص، الذين يشعرون أن الحداثة بدأت تؤثر سلبًا على الهوية المغربية، وتحولها إلى نسخة ضعيفة من ثقافات عالمية لا تعبر عنا.
ومع ذلك، فإن اعتبار الحداثة كتهديد فقط هو أمر غير عادل. فالحداثة لا تعني بالضرورة الانفصال عن الماضي، بل يمكن أن تكون وسيلة لرؤية تراثنا بطريقة جديدة. اليوم، نرى شبابًا مغاربة يبدعون في مجالات الموسيقى والسينما والمسرح، ويعبرون عن قضاياهم بلغة عالمية، دون أن يبتعدوا عن تراثهم. كما أن هناك من يقوم بتصميم الأزياء التقليدية المغربية بشكل عصري، ويعيد كتابة القصص الشعبية بطريقة حديثة، ويستخدم التكنولوجيا لتوثيق الفنون الشفهية.
إذن، التحدي الحقيقي هو كيفية التعامل مع الحداثة دون فقدان هويتنا. لسنا بحاجة إلى “نسخ” النموذج الغربي كما هو، بل يجب أن نبني حداثتنا المغربية، مستلهمين من تراثنا ونفتح آفاق المستقبل.
في النهاية، ليس الخطأ في الحداثة بل في الابتعاد عن الوعي الثقافي، عندما نتجاهل سؤال: من نحن، وأين نريد أن نذهب بثقافتنا؟ عندما نعرف الإجابة، سنتمكن من أن نكون معاصرين دون أن نفقد هويتنا.