بقلم : عبد النور المرابط عضو جماعة وزان
تعد مدينة شفشاون من أبرز الوجهات السياحية في شمال المغرب، حيث سجلت المدينة زيادة بنسبة 18% في عدد الوافدين و 17% في عدد الليالي السياحية خلال النصف الاول من السنة الجارية مع هيمنة السياحة الدولية بنسبة تفوق 80% حسب مسؤولي القطاع بالشاون، تتقدمه الصين و تليها الولايات المتحدة الامريكية ثم اسبانيا و فرنسا ثم باقي الجنسيات الاخرى خصوصا من آسيا، هذه الأرقام تعكس دينامية سياحية متصاعدة، جعلت شفشاون تحتل مكانة متقدمة بعد مدينتي مراكش وفاس.
في المقابل، لا تتوفر إحصائيات دقيقة ومحدثة حول عدد السياح في مدينة وزان (على الأقل كمعلومة متاحة للعموم)، وهو ما يبرز أحد أوجه القصور في التتبع والتقييم السياحي المحلي. ومع ذلك، فإن وزان بدأت في اتخاذ خطوات مهمة نحو تعزيز حضورها السياحي، سواء من خلال تحسين بنيتها التحتية أو إطلاق مشاريع استراتيجية، مما يجعلها مؤهلة للاستفادة من تجربة شفشاون في بناء نموذج سياحي متكامل.
و كمقارنة بسيطة بين شفشاون و وزان في هذا المجال:
1- بناء هوية بصرية مميزة
شفشاون نجحت في تحويل اللون الأزرق إلى رمز عالمي، يغري السياح والمصورين من كل أنحاء العالم. وزان بدورها بدأت في توحيد هويتها البصرية باللونين الأبيض والأخضر، في إشارة إلى طابعها الروحي والطبيعي، وهو توجه واعد يحتاج إلى تعزيز وترويج ذكي، و كمثال على ما يمكن تعزيزه:
– تطوير شعار بصري بشكل تشاركي يعكس روح وزان بدل الارتكان إلى التقليد…
– توحيد الهوية البصرية في الفضاءات العامة، اللوحات، والمرافق السياحية.
2- التسويق الترابي الذكي:
شفشاون اعتمدت على حملات ترويجية ذكية، شملت وسائل التواصل الاجتماعي، التعاون مع المؤثرين، وإدماج المدينة في برامج وكالات الأسفار،… وزان بدأت تضع اللبنات الأولى لهذا التوجه، خاصة مع إعلان الجماعة عن إعداد مخطط استراتيجي للتسويق الترابي، و كمثال على ما يمكن تعزيزه:
– إنتاج محتوى رقمي يبرز خصوصية وزان: الجلابة، الطبيعة، المعمار،..
– التعاون مع وكالات الأسفار والمؤثرين المحليين والدوليين.
3- تطوير البنية السياحية
شفشاون استثمرت في دور الضيافة و الفنادق و المطاعم و الانشطة السياحية، و المدارات السياحية،… وزان بدأت في تعزيز بنيتها السياحية، حيث تم افتتاح وحدات فندقية جديدة، من بينها فندق مصنف من فئة أربع نجوم، إلى جانب توفر مسابح مهمة، مما يحسن من قدرة المدينة على استقبال الزوار، و رغم ذلك مازال ينقصها الكثير مما يقلل من قدرتها على استقبال الزوار، و كمثال على ما يمكن تعزيزه:
– دعم الاستثمار في دور الضيافة والمرافق السياحية.
– تشجيع المبادرات المحلية التي تقدم خدمات سياحية متميزة…
– إحداث مدارات سياحية،…
4- خلق تجربة سياحية متكاملة
السائح لا يبحث فقط عن مكان جميل، بل عن عرض سياحي متكامل من الاستقبال إلى الانشطة، من الطعام إلى الحكاية…شفشاون تقدم هذه التجربة بنوع من النجاح، بينما وزان تحاول تقديم ذلك لكن بشكل متجزأ و متفرق، و رغم ذلك وزان تزخر بمواقع طبيعية وسياحية متنوعة، يمكن أن تشكل تجربة متكاملة للسائح، منها:
– جبل بوهلال: يمكن الوصول إليه بالسيارة، ويوفر مناظر بانورامية خلابة.
– بحيرة بودرة: مكان هادئ مثالي للتأمل والاستجمام.
– غابة إيزارن: فضاء طبيعي غني بالتنوع البيئي.
– سد الوحدة: من أكبر السدود في إفريقيا، ويعد نقطة جذب بيئية وسياحية، بالاضافة الى سد واد المخازن _ منتزھ بلوطة – واد ورغة…
– المنتجات المجالية الزيتون ، الكرموس…
– ساحة الاستقلال: قلب المدينة، ويجري العمل على تهيئتها لتكون فضاء حضريا جذابا.
– الماگانا (الساعة) وسط المدينة، رمز حضري يمكن تطويره كعنصر بصري.
– مسجد الزاوية ذو ثمانية الأضلاع: معلمة دينية فريدة تعكس العمق الروحي للمدينة.
– السويقة، الملاح، النجارين، المدينة القديمة،إلخ…
5- الموقع الجغرافي الاستراتيجي
تقع شفشاون في قلب جبال الريف، وتحيط بها خمس قمم جبلية، مما يمنحها طابعا طبيعيا ساحرا، وقد استفادت من موقعها الجبلي الحصين، ومن قربها من شلالات أقشور و مدن ساحلية وسياحية، لتصبح وجهة عالمية.
وزان كذلك تقع في مقدمة جبال الريف وشيدت على سفح جبل بوهلال وقريبة جدا من بحيرة بودرة و حوالي 60 كلم عن سد الوحدة….. و محاطة بمدن سياحية كبرى مثل شفشاون، فاس، بالإضافة إلى قربها من القنيطرة، والقصر الكبير، …مما يمنحها فرصة لتكون محطة عبور أو امتداد سياحي ضمن مسارات متعددة.
6- السياحة الجبلية في المناطق المحيطة بمدينة وزان
المناطق القروية المحيطة بوزان، مثل ازغيرة، تتيح فرصا واعدة للسياحة الجبلية، المشي في الطبيعة، والتعرف على نمط العيش التقليدي، وهي عناصر يمكن دمجها في عروض سياحية متكاملة.
وزان لا ينقصها الجمال، بل تحتاج إلى ترويج ذكي، تنسيق بين الفاعلين، واستثمار في الهوية الترابية. تجربة شفشاون تظهر أن النجاح السياحي ليس صدفة، بل نتيجة رؤية واضحة، تسويق فعال، واستثمار في الخصوصية المحلية. وزان بدأت تتحرك، والخطوات الأولى مشجعة، لكن الطريق نحو التموقع السياحي يتطلب إرادة جماعية ورؤية طويلة الأمد.