في إطار أنشطتها الثقافية خلال شهر رمضان المبارك، نظّمت جمعية الفقيه الرهوني للعناية بالقرآن الكريم وتدريس علومه بأسجن ندوة علمية تحت عنوان: “ظاهرة الانتحار: الأسباب وطرق الوقاية والعلاج”، وذلك استجابةً لتزايد حالات الانتحار وضرورة تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي تهدد فئات متعددة في المجتمع.
عُقدت الندوة يوم الإثنين 23 رمضان 1446هـ، الموافق لـ 24 مارس 2025م، بمقر مركز في خدمة شباب أسجن، بمشاركة نخبة من المتخصصين في المجال الصحي والتربوي، حيث حاضر فيها كل من الدكتور الحسين واري، طبيب عام بالمركز الصحي القروي المستوى الأول بأسجن، والأستاذ ياسر جلول، ممرض متعدد التخصصات بالمركز الصحي القروي بأسجن، والأستاذ أحمد الحناوي، أستاذ التعليم الثانوي الإعدادي بمديرية وزان، فيما أدار الجلسة الأستاذ خالد الكنكسي، أستاذ التعليم الابتدائي بمديرية وزان.
شهدت الندوة حضورًا وازنًا لممثلي السلطة المحلية والمجلس الجماعي لجماعة أسجن، إضافة إلى عدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بالمجال النفسي والتربوي. وتمحورت المداخلات حول الأسباب المؤدية إلى الانتحار، وأهمية الوقاية من هذه الظاهرة، وضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد المعرضين للخطر، مع التأكيد على أهمية الوعي المجتمعي والتدخل المبكر للحيلولة دون تفاقم الأوضاع النفسية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات قد تدفعهم إلى التفكير في إنهاء حياتهم.
خلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات الهادفة إلى الحد من الظاهرة، من بينها إنشاء لجنة للإنصات والمواكبة على مستوى الجماعة لرصد الحالات النفسية الحرجة وتقديم الدعم المناسب، وتعزيز البنية التحتية للصحة النفسية عبر بناء مستشفيات متخصصة وزيادة عدد الأطباء النفسيين. كما تمت الدعوة إلى إدماج الصحة النفسية في المناهج الدراسية من خلال برامج تعليمية تهدف إلى دعم الأطفال والمراهقين، إلى جانب مكافحة العنف الأسري والمدرسي عبر إنشاء خلايا للإنصات داخل المؤسسات التعليمية.
كما أكدت التوصيات على ضرورة التواصل مع الجهات المختصة عند رصد أي سلوكيات أو أفكار انتحارية لضمان التدخل السريع والتكفل بالحالات وفقًا للمعايير الطبية والنفسية المناسبة. إضافة إلى ذلك، تم التشديد على أهمية تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من خلال سياسات تشغيل عادلة وبرامج دعم تستهدف الفئات الهشة، فضلاً عن إنشاء مراكز لمكافحة الإدمان وإعادة التأهيل، وتعزيز قيم التكافل الاجتماعي من خلال مبادرات تطوعية تهدف إلى دعم الأفراد الذين يعانون من العزلة أو المشاكل النفسية.
في ختام الندوة، شدد المشاركون على أن الانتحار ليس مجرد مشكلة فردية، بل هو تحدٍّ مجتمعي يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الأطراف، بدءًا من الأسرة مرورًا بالمؤسسات التربوية والصحية ووصولًا إلى السياسات الحكومية الداعمة للصحة النفسية. واعتُبرت هذه الندوة خطوة مهمة في نشر الوعي، لكنها تحتاج إلى إجراءات عملية ملموسة تترجم توصياتها إلى برامج فعالة تحدث أثرًا إيجابيًا ومستدامًا في المجتمع.
اترك تعليقاً