بقلم نور الدين عثمان
تقول الأغنية:
” ركب طْول يا يَمًا، ركب طْول، الجماعة شاهدة بالزور….
فاطمة لغزالة، حرقوها العزارة….
فاطمة المسارية، شحال عزات عليا….
خرجو الشاعلين، العافية في الحليين…
فاطمة ربطوها مع الدالية، والجماعة كلها خالية…
فاركونيطا تشارجي ، والجماعة كلها تبكي …
ركب طول يا يما، الجماعة شاهدة بالزور….”
ولمن لا يفهم اللهجة الجبلية سأحاول كتابة كلمات الأغنية باللغة العربية حتى يفهما الجميع، وذلك قبل النبش في تاريخ الجريمة المرعبة التي لازالت كل أسرارها لم تكشف بعد:
( تعالي يا أمي لترى، تعالي يا أمي ، لتكوني شاهدة على شهادة الزور التي يدلي بها أهل القرية….
فاطمة الجميلة، تم احراقها حية من طرف بعض شباب القرية…
فاطمة إبنة قبيلة بني مسارة، تركت جرحا غائرا في قلبي…
أخرجوا يا أهل قرية الشعليين، لكي تشاهدوا النار في جسد فاطمة بقرية الحليين…
فاطمة تم ربطها مع شجرة العنب داخل المنزل وإحراقها حية، بينما كانت القرية شبه خالية….
سيارة الإسعاف تنقل جثتها المحروقة، بينما أهل القرية يذرفون الدموع حزنا على فاطمة…
تعالي يا أمي لترى، فأهل القرية شهدوا بالزور….)
هي كلمات لأغنية جبلية تعود إلى الفنانة الجبلية فاطمة الزروالية، وهي ليست اغنية عادية من خيال الفنان أو كاتب الكلمات، بل هي تأريخ لجريمة/ مأساة وقعت نواحي وزان منتصف تسعينيات القرن الماضي( بين سنة 1994- 95 ) .
إذن تعود هذه القصة / المأساة لمنتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث فتاة جميلة إسمها فاطمة تنحدر من قبيلة بني مسارة، تزوجت بشاب ينحدر من قبيلة بني مزكلدة( جماعة المجاعرة حاليا ) ، كانت فاطمة تقطن في القرية في مسكن خاص، بينما زوجها البسيط ذهب للإشتغال في مجال الخياطة بأحد مدن وسط المغرب وإسمه محمد وتوفي بعد نتيجة أزمة قلبية نتيجة هذه المأساة .
فاطمة كانت حامل، حيث استغل بعض شباب الدوار يوم السوق ( ثلاثاء عين دريج أو الثلاثا القديمة حيث السوق القديم ) وبينما كان جل أهل القرية في السوق، استغل الشبان المجرمين الوضع، حيث نفذوا جريمة إغتصاب فاطمة، ومن ثم قاموا بربطها بشجرة العنب داخل المنزل وسكب البنزين على جسدها وإحراقها وهي حامل، ولم تشفع كل توسلاتها ولو من أجل جنينها الذي أحرق بوحشية مع أمه قبل خروجه إلى هذا العالم.
ورغم بشاعة الجريمة، فإن أهل القرية كتموا الشهادة وظلت دماء فاطمة البريئة على رقبة الجميع أو بالأحرى أنها لازالت معلقة برقاب الجناة والشهود إلى اليوم.
هناك شح وتكتم على هذه الجريمة المرعبة، مع معلومات شحيحة ومتضاربة حول من تلاعب في قضية الشهيدة فاطمة المسارية( المسارية ينسب إلى قبيلتها وليس إسمها العائلي الحقيقي ) ،بينما تؤكد روايات أخرى أن الجناة لازلوا أحرار ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي، بعد أن تدخلت أيادي خسيسية لإنقاذهم من العدالة .
كان لهذه القصة/المأساة أن تبقى طي الكتمان، لكن فنانة جبلية بسيطة رفضت هذا الظلم، وقررت أن تصرخ عاليا بصوت حزين لعل هذه القضية أن تجد يوما طريقها إلى الإنصاف.
أتمنى أن يعاد فتح تحقيق في هذه القضية، لمعرفة ما جرى، وينال المجرمين جزاءهم العادل، حتى ترقد روح الشهيدة فاطمة بسلام
اترك تعليقاً